جلست فى ركن بعيد فى آخر قاعة المحكمة وكأنها تهرب من العيون المحيطة بها .. ومن وقت لآخر تضع يدها بدون وعى تتحسس أذنها اليسرى وكأنها تطمئن على وجودها .. طال انتظارها فقد جاءت مبكرة إلى المحكمة التى لم تبدأ جلساتها بعد ..
تذكرت سبب وجودها فى المحكمة فانهمرت الدموع تغطى وجهها وأسرعت بإسدال الطرحة الحريرية على وجهها لتدارى دموعها عن الحاضرين ومرة أخرى وبدون وعى تحسست أذنها اليسرى وهى تتذكر ما حدث .. مشاجرة عادية مع زوجها الموظف .. عاد من عمله وطلب منها إعداد طعام العشاء .. أسرعت إلى المطبخ ولكنه شعر بالجوع فاستعجلها وبدأت المشاجرة .. اعتادت هى على المشاجرات واعتاد الجيران على أصواتهما العالية واستغاثاتها من اعتداء زوجها عليها بالضرب .
حاولت أن تكون هادئة وهو يسبها ويكيل لها الشتائم ولكنه ازداد وارتفع صوته أكثر وأكثر الهدوء الذى تمسكت به زاد من إثارته فأسرع خلفها يحاول شربها .. ولكنها جرت مسرعة من أمامه ويجرى خلفها فطرحها أرضا وانهال عليها بالضرب بكل ما وقعت عليه يديه .. صرخت الزوجة مستغيثة بمن يخلصها من زوجها فازدادت ثورته وانهال عليها بالضرب بكل قوته .. وعندما حاولت النهوض لتعاتبه وحاولت دخول حجرتها فوجئت به يسرع خلفها ويجرها من شعرها وهى تصرخ حتى طردها خارج المنزل .. وقفت حائرة أمام باب شقتها تحاول استرحامه وهى تبكى ولكنه ظل صامتا وعندما ازدادت طرقاتها فتح الباب وجرى خلفها وفى يده شفرة حلاقة .. وقبل أن تفلت منه عاجلها بضربة بالموسى ليقطع جزءا من أذنها .. بعدها هدأت ثورته وتركها تنزف الدماء فى الشارع وأسرع إلى شقته لينام فى هدوء .
أحيل الزوج إلى المحاكمة العاجلة وهى تجلس الآن فى انتظار الحكم ، أفاقت من ذكرياتها على صوت الحاجب يعلن عن قضيتها .. شعرت بقلبها يخفق خوفا ورعبا وهى تنظر بطرف عينها لتجد زوجها داخل القاعة ..
وبدون وعى أسدلت طرحتها فوق أذنها حتى لا يصل إليها ويمزقها ..
وفى خطوات مرتعشة وصلت إلى المنصة وهى تحاول أن تمنع دموعها ورفضت التنازل عن اتهام الزوج الذى جرح كرامتها قبل أن يجرح أذنها وطردها إلى الشارع بكل قسوة فقرر رؤوف منير رئيس محكمة جنح مركز إمبابة حبس الزوج ثلاثة شهور مع الشغل عقابا على قطع أذن زوجته .